تعريف اعتلال العصب الوجهي
اعتلال العصب الوجهي (أو ما يعرف باعتلال العصب السابع) هو ضعف أو شلل في عضلات الوجه يجعل نصف الوجه يبدو مرتخيًا، ويعود سبب هذا الضعف إلى حدوث خلل في عمل العصب الوجهي مما يؤدي إلى خلل في تعبيرات الوجه الحركية وخلل من الناحية الحسية في المنطقة التي يغذيها هذا العصب.
العصب الوجهي هو العصب السابع من الأعصاب القحفية الإثنى عشر حيث يتحكم في ظهور تعبير الوجه المختلف بما فيها العضلات التي تحيط بالعينين, فالإنسان يمتلك عصبين وجهيين يوجد كل منهما على أحد جوانب الوجه ويتفرع العصب إلى عدة فروع أخرى حيث يزود الغدد الدمعية واللعابية واللسان والعضلات المختلفة في الوجه والرقبة بالوظيفة الحركية أو الحسية.
ما أسباب اعتلال العصب الوجهي؟
يمكن تقسيم أسباب اعتلال العصب الوجهي إلى سببين رئيسيين:
أ- آفة الخلايا العصبية الحركية العليا:
وهي تؤثر على الجانب السفلي فقط من الوجه ولدى المريض القدرة على إبراز نتوءات الجبهة عند النظر للأعلى.
هذا النوع يكون في أحيان كثيرة مصحوبا بشلل أو ضعف في الجانب الأخر من الجسم.
أسباب هذا النوع قد تشمل جلطات الدماغ، إصابات الرأس الشديدة ، التهابات سحايا الدماغ ، مرض التصلب اللويحي أو بعض أورام الدماغ.
ب-آفة الخلايا العصبية الحركية السفلى (تمثل غالبية أسباب اعتلال العصب الوجهي):
تؤثر على الجانب العلوي و السفلي من الوجه وليس للمريض القدرة على إبراز نتوءات الجبهة عند النظر للأعلى.
أسباب هذا النوع تشمل التهابات الإذن الوسطى أو كسور قاع الجمجمة أو بعض أورام الغدد النكافية اللعابية (مرض ساركويد) أو متلازمة موبيوس أو داء السكري أو مرض ارتفاع ضغط الدم أو العدوى الفيروسية للعصب (قد تسبب هذه العدوى مرض رمسي) أو متلازمة جوليان – بري أو بشكل خلقي وأسباب أخرى.
السبب الأكثر شيوعا في هذا النوع هو شلل بيل الذي يسبب ضعفًا مفاجئًا مؤقتًا في عضلات الوجه مما يجعل نصف الوجه يبدو متدليًا. وتظهر تعابير الوجه الطبيعية فقط على الجانب الأخر، وعدم قدرة جفون العينين على الانغلاق في هذا الجانب.
سبب شلل بيل غير واضح في أغلب الأحيان ولكن هنالك فرضيات ترجح أنه قد يكون بسبب عدوى فيروسية.
ما علامات و أعراض اعتلال العصب الوجهي؟
تبدأ الأعراض بداية سريعة وخفيفة إلى أن تصل إلى الشلل الكلي على جانب من الوجه، ويحدث ذلك في غضون ساعات إلى أيام، وقد تستمر مدة ما بين 6 إلى 8 أشهر إلى أن تتحسن، وتختلف الأعراض في حدتها من شخص إلى آخر، وهي:
- ارتخاء في عضلات الوجه وصعوبة في إظهار تعابير الوجه مثل إغلاق العين أو التبسم.
- عدم القدرة على التحكم في اللعاب.
- ألم حول الفك أو خلف الأذن في الجانب المتضرر.
- زيادة الحساسية من الصوت في الجانب المتضرر.
- الصداع.
- زيادة كمية دموع العين أو نقصانها بشكل غير طبيعي.
- عدم القدرة على تحريك العين والرمش بها أو إغلاق الجفون وبالتالي فإن ذلك يتسبب في احمرار العين وجفافها (يؤثر هذا الخلل الوظيفي على وظيفة قرنية العين)
- ضعف حاسة التذوق.
- العلامات الأخرى تكون مرتبطة بالسبب الذي أدى لاعتلال العصب الوجهي مثل: ظهور حويصلات في الأذن عندما يكون الهربس النطاقي أو الحزام الناري هو سبب الشلل الوجهي حيث يسبق ظهور الأعراض لهذه العدوى ألم حاد في الوجه مصدره الأذن (مرض رمسي) أو ضعف أو شلل في نصف الجسم بحيث يكون معاكسا لمكان إصابة الوجه في حالات الجلطات الدماغية أو الأورام و غيرها من الأسباب التي تؤدي إلى آفة الخلايا العصبية الحركية العليا.
ما مضاعفات اعتلال العصب الوجهي التي قد تصيب العين؟
- خلل في وظيفة الغدة الدمعية والجهاز الدمعي .
- عدم إغلاق جفون العين بشكل كامل مما يضاعف احتمالية تعرض قرنية العين للمضاعفات كالجفاف الحاد والتقرحات الجرثومية والغير جرثومية.
- إصابة العين بضعف جزئي أو كلي في حدة النظر وذلك نتيجة إصابة العين بالجفاف الشديد بسبب نقص الدموع والذي أحيانا ينتج عنه تعرض القرنية للخدش و التقرحات ومن ثم العدوى الميكروبية.
- نمو تعويضي شاذ للألياف العصبية، مما يسبب حدوث تقلص لا إرادي لعضلات معينة أثناء محاولة المريض تحريك عضلات أخرى (حركات مترابطة تؤدي إلى إغلاق العين في الجهة المصابة أثناء محاولة المريض التبسم أو النفخ أو تساقط الدموع أثناء الأكل (يظهر في بعض أسباب اعتلال العصب الوجهي وليس جميعها).
التشخيص (داخل عيادة العيون)
أ-التاريخ المرضي:
يقوم طبيب العيون بأخذ التاريخ المرضى بالتفصيل من المريض لتحديد سبب اعتلال العصب الوجهي كالسؤال عن بداية حدوث الاعتلال والأعراض المرافقة له و كذلك تاريخ وجود بعض الإصابات أو العمليات التي بدورها قد تؤثر على وظيفة العصب الوجهي وأيضا بعض الأمراض المزمنة مثل داء السكري وارتفاع ضغط الدم والأورام أو أي أعراض أخرى قد تشير إلى السبب المحتمل لهذا الاعتلال.
عادة ما يشتكي المريض من احمرار بالعين و إفراز دموع مستمر و إحساس بوجود ما يشبه جسم غريب على قرنية العين و كذلك عدم القدرة على إغلاق جفون العين بشكل كامل.
ب- الفحص السريري:
يقوم طبيب العيون بفحص وظيفة العصب الوجهي (العصب السابع) و كذلك فحص عدد من الأعصاب الأخرى التي قد تصاب مع العصب الوجهي في بعض الأمراض.
ثم يقوم بفحص حدة النظر و ضغط العينين وحركة عضلات العين الخارجية و أخيرا اختبار عصب العين المسؤول عن النظر من خلال البؤبؤ.
بعد ذلك يتم عمل فحص للعين ويشمل:
1-جفون العين والأنسجة المحيطة بها وقدرة العضلات على الانقباض وقدرة الجفون على الانغلاق بشكل طبيعي و تحديد مدى قدرة العين على الحركة للأعلى والخارج عند إغلاق الجفون (ظاهرة بيل) .
2- ملتحمة العين و مدى جفافها.
3-قرنية العين لمعرفة حالة الأنسجة الخارجية التي تغلفها ومدى صلابتها أو وجود عتامة قد تؤثر على حدة النظر لاحقا و استبعاد أي عدوى ميكروبية أو ضعف في أنسجتها قد تسبب ثقب بالقرنية ثم انتشار العدوى الميكروبية داخل العين.
الفحوصات الطبية اللازمة:
الفحوصات الطبية تعتمد على التشخيص المحتمل (يتم تحديد الفحص المناسب من خلال التاريخ المرضي و الفحص السريري للمريض).
قائمة الفحوصات الطبية التي يتم طلبها لتحديد سبب اعتلال العصب الوجهي تشمل:
1- أشعة الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية للرأس إذا كان السبب المحتمل جلطة دماغية أو ورم أو إصابة (كسر حول قاع الجمجمة) أو وجود اشتباه في إصابة العصب الثامن المسؤول عن السمع بسبب ارتباطه بالعصب الوجهي .
2- فحوصات مخبرية عن طريق أمصال الدم في حالة الاشتباه بوجود عدوى .
3-تخطيط كهربائي للعضلات التي يغذيها العصب و الذي يهدف إلى الكشف عن وجود تلف عصبي وتحديد درجته حيث يقيس النشاط الكهربائي في استجابة العضلة للمثير وطبيعة سير النبضات الكهربية في طول العصب وسرعته.
ما العلاج؟
يعالج اعتلال العصب الوجهي من خلال علاج السبب المباشر لهذا الاعتلال وفي حالة عدم وجود سبب محدد للعلاج (شلل بيل أو شلل الوجه النصفي) يتم التحسن بشكل تدريجي خلال أشهر ويحتاج المريض فقط لعلاج الأعراض والتي غالبا يكون تأثيرها مباشر على العين.
علاج مضاعفات اعتلال العصب الوجهي من طبيب العيون يتم عن طريق العلاج الطبي أو الجراحي كالاتي:
أ-العلاج الطبي
يكون للحالات التي لا يشكل فيها اعتلال العصب الوجهي خطورة كبيرة على قرنية العين و كذلك للحالات المتوقع تحسنها مع الوقت و يشمل استخدام القطرات المرطبة بشكل متكرر خلال اليوم واستخدام المرهم المرطب قبل النوم وأحيانا استخدام شريط لاصق للمساعدة في إغلاق جفن العين أثناء النوم.
ويشمل العلاج الطبي أيضا أنواعا مختلفة من العلاج مثل تركيب سدادات في مجرى تسريب الدمع والهدف منها المحافظة على ترطيب قرنية العين وأحيانا حقن مادة البوتكس في عضلة الجفن العلوية بما يساعد على ارتخاء الجفن لمدة أشهر( يساعد هذا الارتخاء في الجفن على حماية القرنية من الجفاف الذي قد يسبب عتامة وعدوى في قرنية العين).
بعض الدراسات الطبية تنصح بتناول علاج الكورتيزون وعلاج اسايكلوفير المضاد لفيروس الهربس وقد يصفها طبيبك لك.
ب-العلاج الجراحي
التدخل الجراحي ينصح به للحالات التي لا تتحسن بالعلاج الطبي والتي من المتوقع عدم تحسنها مع الوقت.
التدخل الجراحي يعتمد على حالة الجفن العلوي أو السفلي المسبب لعدم قدرة جفون العين على الانغلاق.
في حالة ضعف الجفن العلوي يكون العلاج بطريقتين إما عن طريق تعديل الجفن جراحيا أو من خلال زراعة قطعة معدنية تساعد في زياد قدرة الجفن العلوي على الانغلاق و بالتالي حماية قرنية العين من المضاعفات المحتملة.
أما في حاله ضعف الجفن السفلي فيتم تعديله جراحيا بطرق مختلفة.
من الخيارات الجراحية أيضا خياطة الجفن العلوي والسفلي مع بعضهما بشكل مؤقت أو دائم حسب حالة المريض ومدى اعتلال العصب الوجهي.
قد يسبب أيضا اعتلال العصب الوجهي ضعف في انقباض الجهاز الدمعي و قد يحتاج إلى عملية زراعة نوع خاص من الدعامات من خلال ملتحمة العين تساعد في تسريب الدمع الفائض من العين (أنبوب جونز).
أحيانا يحتاج المريض لتحسين مستوى حركة عضلات الوجه من خلال عمليات يقوم بها أطباء من بعض التخصصات الجراحية الأخرى.
أخيرا.. يمكن أن يكون للعلاج الطبيعي دور في تحسن حركة عضلات الوجه بعد حدوث اعتلال العصب الوجهي.
يكون التدخل الجراحي سواء تحت التخدير الموضعي أو الكامل حسب الطريقة المختارة للجراحة أو حسب تفضيل المريض لنوع التخدير أو حسب اعتبارات طبية معينة.
بعد مناقشة المريض عن الأسباب اللازمة للتدخل الجراحي وكذلك اختيار الطريقة الأنسب جراحيا وبعد ضمان فهم المريض للعملية الجراحية والتوقعات لها ؛ سيقوم الفريق الطبي بمناقشة بعض الأمور المهمة قبل العملية منها موضوع الأدوية المثبطة للصفائح الدموية أو التي تزيد من سيولة الدم إذا كان المريض يستخدمها.
بعض الأدوية المثبطة للصفائح الدموية كالأسبرين والأدوية التي تزيد من سيوله الدم تُوقف قبل العملية بأيام محددة حسب إرشادات الفريق الطبي بمدة تتراوح من 7 إلى 14 يوم واستبدالها بأدوية أخرى مشابهة لها لا تتسبب في نزيف شديد.
بعد التدخل الجراحي يجب الانتظام على تعليمات ما بعد العملية ولتي تشمل عدم ملامسة أو عرك منطقة الجراحة والانتظام على العلاج الممنوح من قبل الطبيب وكذلك مراجعة الطوارئ في حالة وجود نزيف ويمكن للمريض العودة إلى الأدوية المعتادة بعد يوم من إجراء العملية.
مضاعفات التدخل الجراحي
1-نزيف من مكان التدخل الجراحي.
2-عدوى ميكروبية في منطقة التدخل الجراحي.
3-إحساس بتنميل أو وخز في منطقة العملية.
4-الحاجة إلى تدخل جراحي أخر.
متابعة ما بعد العملية
يحتاج المريض لمراجعة العيادة بعد إجراء العملية حسب الموعد المحدد من الطبيب.